أبو الغيط يكشف في مذكراته أسرار سقوط مبارك وقصة صعود الجنرال
وزير الخارجية الأسبق أحمد أبو الغيط
1/2/2013 900 PMكتب- إياد أحمد:
تناولت تقارير صحفية بالعرض والتحليل مذكرات وزير الخارجية الأسبق أحمد أبو الغيط في كتابه الذي يحمل عنوان ''شهادتي.. السياسة الخارجية المصرية 2004 - 2011''.
وقالت ''الشرق الأوسط'' اللندنية في عرضها للكتاب: أهم ما يلفت نظرك في مذكرات وزير الخارجية المصري الأسبق أحمد أبو الغيط، هو احتفاظ ذاكرته بالتفاصيل الدقيقة لكل حدث مر عليه وهو في المنصب. يفسر ذلك بأنه ومنذ توليه مهام عمله الدبلوماسي في نهاية الستينيات، وهو يحرص على تسجيل يومياته وما مر بها.. محفزه في ذلك كما يقول في كتابه ''شهادتي.. السياسة الخارجية المصرية 2004 - 2011'' والصادر عن دار نهضة مصر، قراءته الكثيرة لسير عسكريين وسياسيين ووزراء دفاع وخارجية كتبوا يومياتهم، أفكارهم، وصراعات الشخصيات والأفكار التي عاصروها.. ليس هذا وحسب بل إن تلك المذكرات تكتسب أهمية لكونها الأولى التي تروي جانبا من جوانب نظام مبارك وماله وما عليه فيما يتعلق بملفات السياسة الخارجية المصرية التي قيل عنها الكثير في السنوات الماضية.
وتابعت: تأخذك فصول الكتاب الثلاثة عشر، ومقدمته لتتعرف على الكثير من ملامح السياسة الخارجية المصرية دون إهمال لملف على حساب الآخر.. فتارة يحدثك عن أسلوب الدولة المصرية في إدارة تلك الملفات وكيف أنها ومنذ قيام الجمهورية في عام 1952، صارت في يد رئيس الجمهورية وما وزير الخارجية إلا مجرد منفذ لها حسب أسلوبه والتحديات التي تواجهه.. وتارة أخرى يحدثك عن العلاقات المصرية الأميركية وكيف حكمها العصا والجزرة طيلة الوقت والرغبة في جعل مصر إحدى أدوات الدولة العظمى في المنطقة باستخدام عصا الإصلاح والديمقراطية وحقوق الإنسان داخل مصر، واستغلال رغبة الرئيس السابق في توريث ابنه الحكم.
وأضافت: في كتاب ''شهادتي'' تشعر بتركيز أبو الغيط على شخصية رئيس جهاز المخابرات العامة الراحل، اللواء عمر سليمان الذي يقول عنه إنه بات ذا تأثير واضح في عملية اتخاذ القرار في مصر منذ عام 1992 وتزايد تأثيره بعد فشل محاولة اغتيال مبارك في أديس أبابا في عام 1995.. ويروي في الكتاب أنه ومنذ توليه مهام وزارة الخارجية في يوليو 2004 أدرك دور سليمان في عملية صناعة القرار وقيادة الأمور في الكثير من ملفات الخارجية المصرية وبخاصة فيما يتعلق بالعلاقات المصرية الأميركية وملف مياه النيل وبالطبع ملف القضية الفلسطينية والعلاقة مع إسرائيل. وهو ما يعبر عنه أبو الغيط قائلا: ''أدى خوض المخابرات المركزية الأميركية وتكليفها بعملية تنظيم العلاقة بين العناصر الأمنية للسلطة الفلسطينية وإسرائيل فور نشوب الانتفاضة الفلسطينية الثانية، إلى دور كبير مساعد أيضا للمخابرات العامة المصرية، ومن ثم تنامي علاقة عمر سليمان مع (تيننت)، رئيس المخابرات المركزية وكل من خلفوه، وأدى ذلك إلى تعزيز إضافي لوضعية عمر سليمان شخصيا مع الأميركيين وامتدادها بالتالي إلى وزراء الخارجية الأميركيين الذين لهم ملف القضية الفلسطينية''.
يفسر أبو الغيط في كتابه جزئية مهمة كثيرا ما أثارت التساؤلات وطرحت تحليلات من قبل السياسيين في عهد مبارك، وهي تراجع الوجود المصري في المحافل الدولية ممثلا في شخص الرئيس.. وهو ما يبرره أبو الغيط بالقول: ''كان الهاجس الأمني والملل الرئاسي وتقدم السن أقوى من أي محاولات لإعادة الرئيس لقلب الأحداث.. كنت أتابع وبإحباط كبير غياب الرئيس عن المشاركة في أي من القمم الكبرى التي كانت تعقد كل عام على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة كل سبتمبر، وتوقفه عن المشاركة في أي من القمم الأفريقية منذ محاولة الاغتيال في أديس أبابا في عام 95، الأمر الذي كان له تأثيره على الصورة العامة لاهتمام مصر بأفريقيا لدى الكثير من القادة الأفارقة.. كان العالم يتغير وتنشأ به تحالفات وتجمعات وكيانات، وغابت مصر عنها بإرادتها على الرغم من دعوات المشاركة التي تلقيناها''.
وعلى الرغم من غياب مبارك عن الساحات الدولية والإقليمية، إلا أن أبو الغيط يؤكد أنه اعتمد على دعم التحرك في الإطار العربي معتمدا على المحور المصري الخليجي مع التركيز الشديد على السعودية كقوة رئيسية بالخليج، والاهتمام بالإمارات والكويت والبحرين. في الوقت ذاته الذي حافظت فيه مصر على علاقة نشطة مع سوريا لأهمية تأثيرها في سياسات المشرق، مع التشكك في المنطلقات السورية وأهدافها حتى تنحي مبارك. وكذلك الاقتراب من الأردن كلما تعقدت العلاقة مع الجانب السوري كما اتضح منذ الغزو الإسرائيلي لجنوب لبنان في عام 2006. أما السودان فعلى الرغم من فتور العلاقة وتوترها مع رئيسها البشير، فإن مبارك كان كثيرا ما يتناول أهمية السودان مع مصر، وكيف أنها تمثل لنا عمق الوادي. ويبقى لليبيا وزعيمها معمر القذافي وضع خاص لدى مبارك؛ حيث كان يؤمن باستراتيجية العلاقة والمصالح الاقتصادية بين البلدين على الرغم من ما كان يتحمله من القذافي كما يروي أبو الغيط في سطور كتابه. ومنها على سبيل المثال انتقادات القذافي لمبارك وللسياسة المصرية ومواقفها وعلاقاتها مع أوروبا والخليج.. إلى الحد التي كانت تصل فيه تلك الانتقادات لإحراج مبارك بقسوة. وهو ما كان يدفع أبو الغيط وعمر سليمان للتصدي له بحكمة وهدوء وحزم في الوقت نفسه. ويحكي أبو الغيط قائلا: ''كان الرئيس يطالبنا بالصبر على القذافي ويقول لنا، إن القذافي واع جدا ومحنك.. كما أن خبثه عميق.. وأن من الضروري أن نتعايش معه حفاظا على مصالح كثيرة لنا مع ليبيا.. إلا أنه من المهم ألا نسمح له بتعقيد علاقاتنا مع السعودية أو بقية دول الخليج''.
فيما يتعلق بالعلاقات المصرية الأميركية، يتناول أبو الغيط حالة الصعود والهبوط التي شابت علاقة مبارك بجميع رؤساء الولايات المتحدة الأميركية، بدءا من توترها في عهد رونالد ريغان بعد حادثة السفينة ''أكيلي لاورو'' التي وقعت عام 1985 حين اختطف أربعة فلسطينيين إحدى السفن السياحية وقتلوا أحد السائحين الأميركيين اليهود عليها وبعد تفاوض معهم، سمحت لهم السلطات المصرية بالسفر على طائرة حملت معهم القيادي الفلسطيني أبو العباس إلى تونس؛ حيث أجبرتهم المقاتلة الأميركية على الهبوط في مطار صقلية واعتقلتهم ما عدا أبو العباس الذي نجح في الهرب هو ومساعده إلى بلغراد. ثم تحسنها مع بداية تولي جورج بوش الأب وكذلك في عهد كلينتون، وكيف تدهورت على الرغم من الدور المصري في الكثير من القضايا في عهد جورج بوش الابن مع رغبة الولايات المتحدة في دفع مصر في حروبها في أفغانستان والعراق، وهو ما رفضته مصر على الرغم من الضغوط الأميركية. ثم انفراجها قليلا في عهد باراك أوباما. وهو ما يقول عنه أبو الغيط: ''بدأ الضغط بطلب أميركي من مصر المشاركة في ائتلاف القوى المحاربة معهم في أفغانستان وهو ما رفضته مصر التي لم تستطع إرسال قواتها لأرض إسلامية للقتال في صفوف قوى غربية أو أطلسية. كما قررت إرسال مستشفى ميداني ضخم إلى قاعدة بغرام الجوية الأطلسية لعلاج أبناء الشعب الأفغاني. ثم تكرر الأمر مع غزو العراق فطلبت الولايات المتحدة من مصر، إرسال قوات مصرية للقتال أو العمل على تأمين الاستقرار في العراق. وهو ما رفضته مصر بشكل قاطع''.
يواصل أبو الغيط توضيح شكل العلاقة المصرية الأميركية في ظل تزايد الحديث عن توريث الحكم في مصر منذ بداية الألفية، وهو ما يقول عنه: ''كان قرارا أميركيا مدبرا وموقفا استراتيجيا تجاه مبارك ونظام حكمه ابتداء من بدء فترة الإدارة الثانية للرئيس بوش وكأن الصفقة المعروضة هي: عليكم بإرسال قوات وحزم أمركم في الوقوف معنا في حروبنا، وسوف ننظر فيما يمكن لنا التفاهم فيه معكم بالنسبة لمسائل تشغلنا تجاهكم، الديمقراطية، حقوق الإنسان، المجتمع المدني المصري، حق جمعياتنا غير الحكومية أن تعمل على أرضكم''.
على الجانب الآخر يشير أبو الغيط في كتابه ''شهادتي'' إلى علم الإدارة المصرية بدعم القذافي للحوثيين بشمال اليمن بتقديم التمويل والسلاح لخلق بؤرة توتر على حدود السعودية من الجنوب، وكيف وصل الأمر بالقذافي، في إطار محاولته إضعاف التأثير السعودي في مسائل إمدادات النفط لكل من الهند والصين، أن عرض على مصر الموافقة على بناء خط أنابيب نفط بين طرابلس وبورسودان يمر في الأراضي المصرية، وهو ما ارتأته مصر ضربا من الخيال، فرفضته. ولكن القذافي استمر في اللعب مع حركات التمرد في اليمن ودارفور لكي يبقي على تأثيره على السودان، كما يقول أبو الغيط في كتابه.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق