قالت جريدة المصرى اليوم فى عددها الصادر اليوم ان العديد من مراسلات خبراء مركز أبحاث "ستراتفور" للاستخبارات والتحليلات الاستراتيجية منذ عام 2010 حتى بداية 2011 ركزت على انتخابات الرئاسة التى كانت مقررة فى ظل عهد الرئيس السابق حسنى مبارك فى 11 أكتوبر الماضى، واهتمت الرسائل بالخلفاء المحتملين لمبارك فى تلك الفترة ومنهم نجله جمال واللواء عمر سليمان والفريق أحمد شفيق. واتفق الخبراء، طبقاً لمصادرهم، على أن قادة الجيش يرغبون فى صعود مرشح رئاسى "ذى خلفية عسكرية" لكى يحافظ على وضع الجيش.
ونقلت الباحثة ريفا بهالا، المتخصصة فى شؤون الشرق الأوسط بالمركز، عن مصدر دبلوماسى فى لبنان فى 13 ديسمبر 2010، قوله إنه من المحتمل أن يتولى الفريق أحمد شفيق رئاسة البلاد خلفاً لمبارك فى حالة وفاته أو إذا أصبح عاجزاً، وأضاف المصدر، الذى لم تفصح الرسالة عن هويته، أن مبارك يثق فى شفيق الذى كان يعمل مع مبارك فى السلاح الجوى المصرى، موضحاً أن مبارك تجاهل وقتها تجهيز اللواء عمر سليمان ليصبح خليفةً محتملاً بسبب صحته، وقال: "فى الواقع، إذا قرر مبارك الترشح فى الانتخابات الرئاسية، فذلك من شأنه أن يضعف من احتمال أن يخلفه سليمان بسبب أحوال صحته المتدهورة".
وأكد المصدر أن مبارك قرر التخلى فوراً عن خطة توريث الحكم لابنه جمال عندما تأكد من عدم سماح الجيش بحدوث ذلك، ولكن جمال كان سيصبح له دور بارز فى الحزب الوطنى الحاكم لكى يثبت للجميع أنه جدير بمنصب رئيس الجمهورية إذا ترشح للانتخابات الرئاسية فى المستقبل. وقال المصدر إن أعضاء الحزب الحاكم كانوا لا يثقون فى جمال مبارك أو يتطلعون إلى قيادته، لافتاً إلى أن أعضاء الحرس القديم فى الحزب كانوا يسيطرون على الوضع الأمنى للبلاد. وفى رسالة بتاريخ 11 أكتوبر 2010 نقل الباحث ريجنالد تومبسون، الباحث بالمركز عن دبلوماسى مصرى، قوله إن مبارك قرر خوض انتخابات الرئاسة لولاية جديدة عندما أخبره المشير محمد حسين طنطاوى، القائد العام للقوات المسلحة حينها، والفريق سامى عنان رئيس هيئة الأركان، بأنهما "لا يدعمان محاولة تنصيب جمال مبارك رئيساً لمصر" وأنهما كانا يتحدثان نيابة عن الجيش المصرى كله، حسب المصدر.
ونسب المصدر إلى طنطاوى وعنان قولهما لمبارك إن المؤسسة العسكرية رحبت بإخلاص بكل من الرؤساء محمد نجيب، وجمال عبدالناصر وأنور السادات، وحسنى مبارك لكى يكونوا رؤساء لمصر لأنهم جاؤوا من صفوفها العسكرية، ولم ينتو أى أحد التآمر ضدهم، وعاملوهم بكل تقدير واحترام.
وقال المصدر إن "المشير طنطاوى وعنان قالا لمبارك بكل احترام: من هو جمال مبارك؟!"، فى إشارة إلى أنه "لا أحد"، حسب تعبير المصدر، وحينها التزم مبارك الهدوء بشكل غريب وأخبرهم بأنه "يحترم رغبة القوات المسلحة". وذكر المصدر أن مبارك حينها قال لهم "إن لم تدعموا ترشح جمال، فإننى سأضطر إلى إعادة ترشيح نفسى فى الانتخابات الرئاسية"، ورد عليه طنطاوى وعنان بأن ذلك حق له وأنهما سيدعمانه طالماً كان قادراً على أداء واجباته. ونقل المركز عن مصدر دبلوماسى فى مصر وقتها أنه فى أواخر ديسمبر 2010 حدث تغيير فى خطة توريث الحكم بعد رفض عدد من الحرس القديم دعوات النظام الجديد بإقامة نموذج اقتصادى ليبرالى فى مصر، مضيفاً أن مبارك عدل خطته قليلاً لجعل عمر سليمان نائباً له ليتولى رئاسة البلاد إذا لم يستطع مبارك مواصلة الحكم.
وجاء فى التقرير أنه وفقاً لخطة مبارك، فإن سليمان كان سيستمر لمدة عام واحد ثم ينقل صلاحياته لجمال، مضيفاً أن مبارك أعلن نيته الترشح لرئاسة الجمهورية فى انتخابات 2011 كنوع من "الانتقال السلس". لكن التقرير أكد أن هناك عدداً من قادة الحرس القديم بالمؤسسة العسكرية اعترضوا على ترشح سليمان أيضاً، رغم أنه شخصية قوية ومتفق عليها من الجميع لخلافة مبارك، ولكنهم تخوفوا من كبر سنه ومشاكله الصحية. وتابع: "أعضاء الجيش أرادوا طرح اسم شخص من مؤسستهم العسكرية لكبح جماح محاولات وصول جمال مبارك إلى الحكم، وهو ما جعل اسم الفريق شفيق يلوح فى الأفق".
ووصف التقرير الفريق شفيق بأنه يمتلك علاقة جيدة مع الرئيس السابق، ونقل التقرير عن أحد مصادر "ستراتفور" قوله إن اختيار مبارك لشفيق وزيراً للطيران المدنى فى عام 2002 كان إشارة على نية تجهيزه لمنصب أعلى. وأشار التقرير إلى أن أغلب الجنرالات العسكريين لا يمتلكون عادة فرصة لاكتساب خبرة مدنية، ولكن امتلاك تلك الخبرة المدنية لجنرال متقاعد يعتبر أمرا من شأنه تعزيز مصداقية أى فرد عسكرى إذا تم ترشيحه فى منصب سياسى رفيع المستوى.
وبعد ثورة 25 يناير، عقد خبراء المركز مناقشة جديدة فى مارس 2011 حول إقالة حكومة الفريق أحمد شفيق وسط احتجاجات شعبية وتعيين الدكتور عصام شرف بدلاً منه لتولى مسؤولية تشكيل حكومة تسيير أعمال ما جعل فرص الدفع بشفيق للرئاسة ضعيفة.
وفى 4 نوفمبر 2011، تلقت الباحثة ريفا بهالا، المتخصصة فى شؤون الشرق الأوسط بمركز "ستراتفور" بريداً إلكترونياً من مصدر وثيق الصلة بالمركز قالت إنه "سفير مصرى فى لبنان"، وتحدث فيه عن ترشح اللواء عمر سليمان لرئاسة الجمهورية. وقال المصدر، فى رسالة إلكترونية بعنوان "عمر سليمان رئيساًً"، إن المجلس العسكرى والمملكة العربية السعودية يريدان "سليمان" رئيساً جديداً لمصر. وأضاف المصدر أنه عندما قرر سليمان السفر إلى السعودية لأداء مناسك الحج فى مكة المكرمة، سأل مصدرا مقربا منه عن طبيعة تلك الرحلة وهل هى لأداء الحج فقط أم هناك أسباب أخرى وراءها. وأوضح المصدر أن سليمان، مثل أغلب المصريين، شخص متدين يريد أداء فرائض الله، ولكن هناك مسؤولين سعوديين أرادوا التحدث معه أثناء رحلته إلى المملكة.
وأضاف أنه كان بإمكان المسؤولين المصريين الحفاظ على سرية خطة سفره إلى السعودية، ولكنهم اختاروا عمداً الإعلان عن الحدث، قائلاً: إن السبب وراء ذلك كان بسيطاً، وهو رغبة المجلس العسكرى فى ظهور سليمان إعلامياً وتعمد تقديمه على أنه "رجل دين".
وذكر المصدر أن هناك معضلة تواجه المجلس العسكرى بعد انتهاء انتخابات مجلسى الشعب والشورى والمضى قدماً فى إجراءات انتخابات رئاسة الجمهورية، موضحاً أن المشير طنطاوى لا يؤمن بأى من المرشحين الحاليين للرئاسة أو قدرة أى فرد منهم على تحقيق الاستقرار فى مصر، وهو ما جعل المجلس العسكرى يجس نبض الشعب عن إمكانية ترشح المشير طنطاوى لرئاسة الجمهورية، ولكن النتائج جاءت "مخيبة للآمال"، ولم تفلح تجربة بالون الاختبار مع الشعب.
وأكد المصدر فى لبنان أن المجلس العسكرى يأخذ مسألة ترشح عمر سليمان لمنصب رئيس الجمهورية على محمل الجد. وقال المصدر إن سجل "سليمان" لا تشوبه شائبة، ولذلك يُنظر إليه باعتباره رجلا نزيها، وليس كونه تابعاً لنظام مبارك السابق، مضيفاً أن السعوديين يفضلون بالتأكيد أن يصبح رئيسا جديداً لمصر.
وقال المصدر إنه من المؤكد أن رئاسة عمر سليمان للبلاد ستستمر لفترة رئاسية واحدة، وأضاف أن جماعة الإخوان المسلمين تؤيده.
بدأ خبراء مركز "ستراتفور" للاستخبارات والتحليلات الاستراتيجية فى الحديث عن احتمال ترشح عمرو موسى للرئاسة فى 31 يناير 2011، عندما تساءل الباحث يريفان سعيد عن سبب صمت موسى عما يحدث من مظاهرات واحتجاجات يناير حين كان يشغل منصب الأمين العام لجامعة الدول العربية فى رسالة إلكترونية بعنوان "لماذا يتجاهل عمرو موسى ما يحدث فى مصر؟".
ولكن الباحث كمران بوخارى، رئيس قسم شؤون الشرق الأوسط فى المركز، أجابه بأنه أصدر بياناً يدعو إلى إجراء إصلاحات، واعتبر بوخارى أن موسى كان يلعب دوراً ما لكى يكون خلفا لمبارك، مضيفاً أن موسى لديه سجل طويل فى العمل لدى النظام السابق، ولكنه يحاول أن ينأى بنفسه عن ذلك. ورأى بوخارى أن الجيش ينظر إلى موسى كشخص "موثوق فيه"، ولكن السؤال الآن هو كيف تنظر إليه المعارضة، موضحاً أن البعض يراه كـ"أداة من المفيد استغلالها"، والبعض الآخر ينظر إليه باعتباره "غير مقبول".
وفى 4 فبراير 2011، اهتم خبراء المركز بخبر انضمام موسى إلى المظاهرات المناهضة للنظام وقتها.
وتدخل الباحث إيرمى دوجرو وقتها وقال إن عمرو موسى طالما كان مرشحاً لرئاسة مصر، وأضاف أن ذلك هو ما دفع مبارك إلى دعم ترشيحه فى منصب الأمين العام لجامعة الدول العربية بعد أن كان وزيراً للخارجية، وقال: "أعتقد أن الشعب المصرى يدرك طموحات موسى عن الرئاسة ولماذا قرر العودة إلى مصر". ورأى الباحث بيليس بريسلى أن موسى أكد عدم ترشحه لفترة أخرى كأمين عام للجامعة العربية لأنه أدرك جيداً أن الوقت أصبح متأخرا فى اللعبة السياسية إذا أراد أن يكون زعيماً للمعارضة، فى نفس الوقت الذى كان فيه الدكتور محمد البرادعى، المدير العام السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية، يظهر بأنه الرجل الذى يسعى إلى قيادة تحالف المعارضة فى المفاوضات بعد تنحى مبارك.
ولكنه كرر ما ذكره زملاؤه بأن أعضاء جامعة الدول العربية لن يكونوا سعداء بانضمامه إلى المظاهرات الاحتجاجية واتخاذ موقف سياسى ضد حكومته. وتابع: "وجهة نظرى أن موسى ربما يكون على استعداد لفقدان دوره فى جامعة الدول العربية من أجل وضع نفسه فى مقدمة زمام المبادرة الخاصة بمفاوضات المعارضة مع مسؤولى الجيش والحزب الوطنى". وفى 18 إبريل 2011، أرسل الباحث بينجامين بريزلر، المحلل الاستراتيجى بمركز "ستراتفور"، بريداً إلكترونياً، ينقل فيه تصريحات دبلوماسى مصرى عن مرشحى الرئاسة فى مصر.
وقال المصدر "إن فرص ترشح عمرو موسى أصبحت "ضئيلة"، مشيراً إلى أن كلاً من المجلس العسكرى وجماعة الإخوان المسلمين والولايات المتحدة وإسرائيل لا يريدونه رئيساً جديدياً لمصر. وأضاف المصدر أن المجلس العسكرى لايحبذ "موسى" رئيساً لأنه لايمتلك خلفية عسكرية، خاصة إذا كان متردداً فى قبول الحكم الذاتى للمؤسسة العسكرية، بما يتعارض مع رغبة المجلس العسكرى، حسب المصدر.
وبالنسبة للولايات المتحدة وإسرائيل، أوضح المصدر أن الدولتين لديهما مخاوف من ميوله إلى إقامة تيار قومى عربى قوى، مضيفاً أنهم يشكون أنه يريد قيادة العرب وإدخال مصر بشكل أكبر فى الشؤون العربية. وأكد أن جماعة الإخوان المسلمين لا يرغبون فيه لأنه "ذو توجه علمانى قوى"، فضلاً عن كراهيته لهم، على حد قوله.
فى 21 يوليو 2011، ركز باحثو المركز على استطلاع الرأى الذى نشرته الصفحة الرسمية للمجلس الأعلى للقوات المسلحة على الموقع الاجتماعى "فيس بوك"، عن المرشحين المحتملين لانتخابات الرئاسة، ووصفوا الاستطلاع بأنه "محاولة من العسكرى لمعرفة ما يفكر فيه أعضاء الحركات السياسية فى هوية مرشح الرئاسة الجديد"، وكانtذلك فى سلسلة رسائل إلكترونية تحت عنوان "هل هى عودة عمر سليمان من جديد؟"، فى إشارة إلى أنها المرة الأولى التى يتم فيها ذكر اسم نائب الرئيس السابق، فيما يتعلق بانتخابات الرئاسة.
وانتقدت الباحثة ريفا بهالا، الخبيرة فى شؤون الشرق الأوسط، ذكر اسم سليمان فى الاستطلاع دون تصريح سابق منه بأنه يعتزم الترشح للرئاسة وقتها فى 2011، وقالت: "ما هى الثورة التى تجلب سليمان على مضمار سباق الرئاسة؟"
وسعى عدد من خبراء المركز إلى الاشتراك فى تجربة الاستطلاع لرؤية خطواته ومعرفة نتائجه النهائية، ولكنهم لم يذكروا هوية الشخص الذى اختاروه.
وقال الباحث بيليس بريسلى إن أعضاء موقع "فيس بوك" لا يمثلون القطاع العريض من المشهد السياسى فى مصر، مشيراً إلى أنها المرة الثانية التى يلجأ فيها المجلس العسكرى إلى استطلاعات الرأى، وكانت المرة الأولى عن إمكانية فرض حظر التجول فى شوارع القاهرة، وهو ما لم يجتذب الكثيرين.
وأوضح بريسلى أن أعضاء "فيس بوك" اعتبروا أن اتخاذ رأيهم فى فرض "حظر التجول" من عدمه يعتبر "سؤالاً متخلفاً"، لأن حظر التجول كان من الساعة الثانية بعد منتصف الليل إلى الخامسة فجراً، فضلاً عن أن الجيش أعلن رفعه بالفعل.
وأشار إلى أن أغلبية المشتركين فى الاستطلاع صوتوا لصالح الدكتور محمد البرادعى فى المركز الأول، وكان الثانى الدكتور عبدالمنعم أبو الفتوح، وهو ما اعتبره بريسلى أمراً غريباً أن يترشح أحد من جماعة الإخوان المسلمين بعد إعلانها عدم نيتها ترشح أحد من الجماعة للانتخابات الرئاسية.وختم بالقول أن هدف الاستطلاع هو معرفة ما يفكر فيه أعضاء حركة 6 أبريل، رغم أن أعضاء الحركة يرتدون لاصقات على سواعدهم تشير إلى من يريدونه رئيساً، على حد قوله، فى إشارة إلى الدكتور البرادعى الذى كان يؤيده أغلب أعضاء 6 أبريل.
رأى الباحث فى مركز "ستراتفور" بيليس بريسلى، فى رسالة بتاريخ 13 مايو 2011، أن جماعة الإخوان المسلمين ربما تكون سعيدة سراً بترشح الدكتور عبدالمنعم أبوالفتوح كمستقل فى الانتخابات الرئاسية المقبلة.
وقال إن أعضاء الجماعة لم يغضبوا حتى لا يتهمهم الشعب بأنهم "ذئاب يحاولون تقطيع ثياب حمل"، حسب وصفه. وأضاف: "من مصلحة الإخوان المسلمين ألا ينقلوا للشعب أن الجماعة يعكر صفوها نوع من الانقسامات الداخلية".
ورد الباحث كمران بوخارى، المتخصص فى شؤون الشرق الأوسط، بأن الجماعة كانت "غير سعيدة" بوجود "أبوالفتوح" طوال الوقت، مشيراً إلى سعيهم إلى تهميشه إلى حد كبير طوال السنوات الماضية.
ووصف "بوخارى" "أبوالفتوح" بأنه شخص إصلاحى أزعج تأسيسية الجماعة لوقت طويل، وأن قادة الإخوان لم يستطيعوا السيطرة عليه، ولذلك حاولوا إيجاد طريقة جديدة للتعامل معه. وأكد أن "أبوالفتوح" يحظى بشعبية كبيرة بين أوساط الشباب، لكنه لايزال يواجه صعوبة فى تحقيق التوازن بين كونه إخوانياً وترشحه كمستقل.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق