لماذا 43% لا؟

مقال | أحمد سمير يكتب بالمصرى اليوم : لماذا رفض 43% من المصريين الشريعة الإسلامية؟








(1)

قال صديقي مُذَكّرًا بفيديو شهير لحسين يعقوب:

ــ الصناديق قالت للدين نعم بـ 77% في مارس.. الآن قالت للشريعة نعم بـ 57%.. أكيد فيه 20% ألحدوا في سنة ونص.

قالها وضحك.. ولكنني لم أضحك.. فالمأساة عادة لا تدعو للضحك.

مكتوب على قناة الحافظ نعم للشريعة، ومكتوب بالأخبار أن 43% رفضوا نعم، ومكتوب علينا نعيش مع أغبياء.

(2)

«مش عايزنها إسلامية.. مش عايزنها إسلامية»

هكذا هتف أحد المتظاهرين في مظاهرة مناهضة لمرسي، لكن أحدًا لم يردد وراءه والتفت له العشرات بدهشة، بينما أشار له أصدقاؤه بالسكوت استياءً.

المتظاهر لم يكن منتميًا لأي حركة تُصنف كعلمانية، لكنه كان يريد أكبر قدر من «الثورية»ضد الرئيس.. فمرسي يصف نفسه بأنه الإسلامي الوحيد، والحل الذي اهتدى إليه المتظاهر هو الهتاف ضده «مش عايزنها إسلامية».

حالة هذا المتظاهر السياسية يمكن رصدها تتكرر بسهولة بين الآلاف من شباب الطبقة الوسطى الذين يتنامى بينهم رفض مظاهر «عشيرة من يحكم» باعتبارها مظاهر تُستخدم سياسيًا ليظل يحكم.

من يعيش في القاهرة ولم يلاحظ ظاهرة خلع الحجاب أو جلسات النميمة بين شباب العشرينات عن فلان الذي ألحد بالتزامن مع الحكم الإسلامي هو بالتأكيد لا يعيش في القاهرة.

وطالب جماعة الإخوان الذي يدخل ليتكلم اليوم عن ضرورة التصويت بـ«نعم» ويتشاجر مع أنصار «لا» لن يفهم غدًا لماذا لا يستمع له أحد وهو يحاول أن يقرأ القرآن قبل أن يتحدث عن الصلاة أو حب الله.

سيحدثه مسؤوله في التنظيم عن ضرورة تحمل أذى أعداء الدعوة ..

لكنها ليست إجابة صحيحة يا صديقي..

زمن يصرون فيه على تحويل عبارة فصل الدعوي عن الحزبي إلى فصل الدين عن السياسة، ليصفوا جميع خصومهم بالعلمانية.

سيدفعون الثمن بتدمير مشروعهم الدعوي قبل مشروعهم السياسي.

ودعاة السلفيين الذين تحولوا لـ «أولتراس» لحزب سياسي، أو الدعاة الجدد الذين تورطوا بدورهم في جبهة «لا»، لا يدركون أنهم انتهوا عمليًا كدعاة لدى نصف الشعب المصري تقريبًا.

بالمناسبة.. هذا خطر..

فمن حقكم أن تفرحوا بانتصار المرشح الإسلامي الوحيد وانتصار نعم للشريعة.. ولكن ادفعوا ثمن ذلك أيضًا.

{ فَسَتَذْكُرُونَ مَا أَقُولُ لَكُمْ }

(3)

«أتوبيسات الإخوان»

اشتهرت هذه الجملة للدلالة على قدرة التنظيم على حشد أنصاره من الدلتا في مليونيات القاهرة.

السؤال الآن: أين أتوبيسات إخوان الدلتا في تصويت الدلتا؟

الدلتا خارج معادلة الحسم.. فالإخوان يعتمدون على الصعيد رغم أن الحلقة الأضعف في التنظيم الصعيد.

لمن لا يعلم هذه نهاية مرحلة في تاريخ مصر الانتخابي.

فأعضاء الإخوان الذين ينتمي عمومهم إلى الطبقة الوسطى في الحضر والدلتا لم تعد ابتسامتهم المهذبة وخدماتهم المثابرة كافية لإقناع أبناء طبقتهم ليصوّتوا لهم.

الحسم الآن يأتي من الصعيد، حيث التنظيم ضعيف، لكن خطاب الإخوان مقنع.

فخطاب الإخوان الذي مفاده «نحن كنا نريد فض اعتصام الاتحادية سلميًا» لقي هزائم بين الطبقة الوسطى في «استفتاءات النخبة العفنة القذرة» على الإنترنت، وامتد الأمر ليخسر الحضر كله، ثم يواصل ليتحول إلى صفر في الدلتا.

من خلال تجربة في التعامل مع البشر.. يصعب إقناع مهندس بأن هناك مؤامرة لمجرد أن مسؤولك بالأسرة أخبرك أن هناك مؤامرة، كما يصعب إقناع محامٍ بأنك أزهقت روح عشرة أفراد لمجرد أن إخوانك في الله أخبروك أن هناك عدد 5 زجاجات خمر في الخيام ..

شارع الهرم ممتلئ بالخمر بالمناسبة..

الحاضن الاجتماعي الطبيعي للإخوان أصبح إما ضدهم كما القاهرة، أو محايدًا كما في الدلتا .

الآن.. خطاب الإخوان مقنع في الصعيد، حيث الاستقطاب ديني بين مسلمين ومسيحيين في الصعيد والتصويت على أساس خانة الديانة.

هذه نهاية مثيرة للرثاء لجماعة كانت ترى في نفسها أنها وسطية..

ومن يريدون أن يكون الاستفتاء على الشريعة لهم الحق أن يفرحوا بانتصارهم الانتخابي اليوم، لكن فقط عليهم أن يفكروا في معنى هزيمتهم انتخابيًا غدًا.

خطابك هذا معناه أن 43% من المصريين رفضوا الشريعة نفسها يا غبي وليس مجرد مواد مختلف حولها.

يذكر أن أستاذية العالم طريق طويل.. يبدأ بخسارة انتخابية في عاصمة الوطن.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق