رئيسا أمريكا وأيرلندا السابقان: وضع الأقليات في مصر «مقلق»

رئيسا أمريكا وأيرلندا السابقان: وضع الأقليات في مصر «مقلق» ( حوار)



 حسام فضل













دعماً لعملية التحول الديمقراطى فى مصر يزور القاهرة حاليا وفد من مجموعة الحكماء، وهى مجموعة مستقلة من القادة العالميين، أسسها نيلسون مانديلا عام 2007، وتعمل بخبرات وتأثير أعضائها الجماعى على دعم السلام والتغلب على الأسباب الرئيسية لمعاناة البشر. وتتألف مجموعة الحكماء من مارتى أهتيسارى، كوفى عنان، إلا بهات، الأخضر الإبراهيمى، جرو برونتلاند، فرناندو هنريك كاردوسو، جيمى كارتر، وجراسا مايكل، مارى روبنسون وديسموند توتو، ويعتبر نيلسون مانديلا وأونج سان سو كى عضوين شرفيين.
«المصرى اليوم» حاورت اثنين من أبرز أعضاء المجموعة، وهما الرئيس الأمريكى الأسبق جيمى كارتر، ورئيسة أيرلندا السابقة، مارى روبنسون، وكارتر هو الرئيس الـ39 للولايات المتحدة الأمريكية، خلال الفترة ما بين 1977 وحتى 1981، وكان الوسيط فى توقيع اتفاقية كامب ديفيد ومعاهدة السلام بين مصر وإسرائيل، ونجح فى إقامة علاقات دبلوماسية أمريكية مع جمهورية الصين الشعبية، وفى عام 1982 أسس «مركز كارتر» الذى يعمل على دعم السلام فى جميع أنحاء العالم، وحصل على جائزة نوبل للسلام عام 2002، كمكافأة «لجهده الدؤوب فى إيجاد حلول سلمية للنزاعات الدولية، وتعزيز الديمقراطية وحقوق الإنسان وتعزيز التنمية الاقتصادية والاجتماعية».
و«روبنسون» هى المرأة الأولى التى شغلت منصب رئيس أيرلندا، وهى المفوضة السامية سابقاً للمفوضية العليا لحقوق الإنسان، التابعة لمنظمة الأمم المتحدة، ولكونها أكاديمية ومشرعة ومحامية، سعت لاستخدام القانون كوسيلة فى تحقيق التغيير الاجتماعى وكانت رئيسة إحقاق الحقوق، ومبادرة العولمة الأخلاقية فى الفترة ما بين 2002 حتى 2010، وهى الآن تقود الجهود لضمان عدم معاناة السكان الأكثر ضعفاً فى العالم من آثار تغير المناخ، فضلا عن أنها رئيسة مؤسسة «مارى روبنسون - العدالة المناخية».
وأعرب الرئيسان عن قلقهما من الوضع الاقتصادى فى البلاد، وحقوق الإنسان والأقليات فى مصر، وعودة الممارسات القديمة للشرطة فى تعذيب المعتقلين وانتهاكهم جنسيا، وقتل المتظاهرين، مشيرين إلى أن الدول المانحة تحتاج إلى التأكد من أن مصر ستكون دولة علمانية أم دينية، وأن تحترم حقوق المرأة والإنسان لتقديم منح ومساعدات واستثمارات لها.
وقال «كارتر» إن الوجود الأمنى المصرى فى سيناء يحتاج إلى تعزيز، وإنه لا توجد مشاكل فى تعديل معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل، بشرط أن يتم ذلك بالتوافق بين البلدين، فيما أبدت «روبنسون» مخاوفها من إعطاء الأزهر دوراً فى الدستور المصرى الجديد، وأن يأتى شيخ للأزهر فى المستقبل لا يتمتع باعتدال الشيخ الحالى، وإلى نص الحوار:
■ كارتر، بداية نود أن نعرف سبب زيارة وفد الحكماء للقاهرة؟
- هذا هو لقاؤنا الدورى الذى تعقده المجموعة كل 6 شهور، ومنذ عام مضى قررنا أن مصر يجب أن تلعب دوراً مهماً فى عملية التحول الديمقراطى، ليس فقط على مستوى الحكومة المصرية بل فى المنطقة والعالم، لذلك جئنا إلى هنا لتكون لدينا فرصة للاطلاع على ما يحدث فى مصر، ومقابلة المسؤولين، من بينهم الأمين العام لجامعة الدول العربية، والرئيس محمد مرسى، والقيادات الدينية المسيحية والإسلامية، وشيخ الأزهر، وبعض ممثلى حكومة الرئيس مرسى ومجلس حقوق الإنسان.
■ زرت مصر أكثر من مرة بعد ثورة 25 يناير، فكيف تقيم الوضع الحالى بعد ما يقرب من مرور عامين على انطلاقها؟
- بالفعل زرت مصر أكثر من مرة، وتابعت الانتخابات البرلمانية، وتوجد فى القاهرة بعثة لمركز كارتر للسلام، تعمل على متابعة الوضع عن كثب، وستراقب الاستفتاء على الدستور عندما يتم تحديد موعده، وبالطبع أنا سعيد بما حدث فى الثورة، وكيف حقق مرسى نجاحا ملحوظا فى تكوين حكومة مدنية منتخبة بلا شك، وتسليم القوات المسلحة للسلطة بعد عام ونصف من الثورة، ونأمل أن يكون هناك تحرك سريع فى عملية الانتقال الديمقراطى فى مصر، خاصة أنه مازال هناك بعض الانتهاكات لحقوق الإنسان فى مصر من قبل الشرطة، كما أن الجمعية التأسيسية لوضع الدستور فى خطر، وأنا قلق حول الوضع الاقتصادى فى مصر، وأرى أن الدول الغنية تريد أن تعرف ما الذى ستكون عليه مصر قبل تقديم المنح والمساعدات والاستثمارات، فهى تريد أن تعرف ما إذا كانت مصر دولة علمانية أم دينية.
■ هل ناقشت هذه المخاوف مع الرئيس مرسى؟
- لا أريد الحديث تفصيلا حول مباحثاتى مع الرئيس مرسى، لكننى ناقشت معه أشياء عديدة، من بينها ما ذكرته هنا، إضافة إلى التأكيد على أهمية دعم مصر للقضية الفلسطينية وعملية السلام.
■ روبنسون، أنت كشخصية مهتمة بحقوق الإنسان وكامرأة كيف تقيمين الوضع الحالى، ووضع المرأة فى مسودة الدستور الجديد؟
- أتفق مع الرئيس كارتر فى النقاط الإيجابية التى قالها عن مصر، والأسباب التى دفعتنا للمجىء إلى هنا، وأهمية دعم عملية التحول الديمقراطى، لكن هناك بعض المشاكل، ولأننى مهتمة بحقوق الإنسان لدىَّ قلق من بعض الأمور التى تمت إثارتها، ومن بينها الأولوية التى يمنحها الدستور للمرأة والفتاة المصرية، وهذا الأمر لا يتعلق فقط بحقوق الإنسان على أهميتها، بل هو أمر مهم لأسباب تنموية، لأن مكانة المرأة فى المجتمع من العناصر المهمة فى تحقيق التنمية لأى مجتمع، والمجتمع الذى يعطى المرأة حقوقها يستطيع أن يتقدم بسرعة، وتزيد فرصه التنموية، وأنا أرى أنه لابد للمرأة أن تحصل على وضعها فى الدستور، وأعتقد أن نسبة تمثيلها فى البرلمان مخيبة للآمال، وهناك من أعربن عن قلقهن من الوضع الحالى، والمخاوف من الدستور الجديد الذى ينص على احترام مبادئ الشريعة الإسلامية، وأنا شخصيا قلقة جدا من المعلومات التى وصلتنى عن ممارسات جهاز الشرطة وجرائم التعذيب وقتل المتظاهرين، وهذه أمور يجب مناقشتها لإحداث التغيير الحقيقى.
■ هل ستثيران هذه المخاوف فى لقاءاتك بمصر؟
- روبنسون: كما قال كارتر نحن لا نتحدث بالتفصيل عما يدور فى لقاءاتنا، لكن لنا طريقتنا ونحن منظمة مستقلة، ولدينا معلومات عما يحدث، وبعض القلق مما يحدث خلال عملية التحول الديمقراطى، وضرورة أن تكون هذه العملية شاملة، ليس فقط للمرأة بل للأقليات والشباب، وسنلتقى بقيادات شابة مصرية، ونعتقد أنه لا بد من إشراك الشباب بشكل أكبر، فهم من قادوا ثورة 25 يناير.
كارتر: مركز كارتر تابع الانتخابات فى تونس، وشاهد نسبة تمثيل المرأة هناك، وتابع الانتخابات فى مصر، التى وصلت فيها نسبة تمثيل المرأة إلى 2%، وهذا مؤشر لقلق عالمى حول وضع المرأة فى المنطقة.
■ هل لديكم قلق حول وضع الأقليات والأقباط فى مصر إزاء وصول الإخوان المسلمين إلى سدة الحكم؟
- روبنسون: لدينا قلق من الأنباء التى تتحدث عن مغادرة البعض، وشعور آخرين بالخوف، لكننا التقينا شيخ الأزهر، ونرى أنه رجل مبهر ومعتدل جدا، لكن خلال لقاءاتنا مع القيادات القبطية استشعرنا القلق، ولدينا أمل أن تتم مناقشة هذه المخاوف ومواجهتها تحت القيادة المعتدلة لشيخ الأزهر.
كارتر: أنا ومارى مسيحيان، هى كاثوليكية وأنا بروتستانتى، أنا دائم القلق بشأن حقوق الأقليات، وفى كثير من التصريحات والبيانات كان هناك تأكيد على التساوى فى الحقوق، والحديث دوما عما يسمى جنة الأديان السماوية «الإسلام واليهودية والمسيحية»، وعندما تحدثنا مع القيادات القبطية أكدوا تقديرهم لاعتدال شيخ الأزهر، وهذه علامة مشجعة، لكننا لا نعرف ما هى طبيعة العلاقات فى المستقبل وممارسات البشر، ونأمل أن يكون الاعتدال والتساوى فى الفرص واحترام حرية العقيدة ممثلة فى الدستور.
■ كارتر.. قلت الاربعاء إن الرئيس مرسى يريد تعديل معاهدة السلام، بصفتك واحداً من صناعها هل تعتقد أنها تحتاج لتعديل؟
- توجد فى المعاهدة قيود على وضع القوات المصرية فى شبه جزيرة سيناء، وهناك حديث اليوم عن الحاجة إلى تواجد أكثر للقوات فى سيناء، وقد ناقشت هذه المسألة مع قيادات مصرية وليس مع الرئيس مرسى، وتحدثوا عن ضرورة عمل بعض التعديلات على الوجود الأمنى فى شبه الجزيرة، وأرى أن عمل تعديل فى وضع القوات المصرية فى سيناء سيكون من مصلحة إسرائيل ولحفظ أمن البلدين، وأعتقد أنه لا توجد مشكلة فى تعديل الاتفاقية لكن يجب أن يتم ذلك بالتوافق بين مصر وإسرائيل.
■ هل تنوى التوسط لعمل التعديلات؟
- لا، أنا ليس لدىَّ دور رسمى الآن، ولا أعتقد أن هناك حاجة لوسيط بين مصر وإسرائيل فى هذه المسألة، لكن لو أرادوا فيمكنهم اللجوء لمن يقوم بعملية التنسيق بينهما.
■ كيف تقيّم الدور الأمريكى حالياً فى عملية السلام؟
- لا توجد عملية سلام، ولا توجد محادثات بين الفلسطينيين وإسرائيل، لا أمور تناقش على الطاولة، ولا أعلم ما سيحدث فى المستقبل، وآمل أن تتم العودة لدعم السلام، وأن تنسحب إسرائيل من الأراضى التى احتلتها عام 1967، لكن للأسف لا تتم مناقشة هذه الأمور الآن.
■ هل تعتقدان أن المشاكل حول إعداد الدستور ستؤجل عملية التحول الديمقراطى فى مصر؟
- روبنسون: أنا مهتمة بمتابعة ما يحدث، وما أفهمه أنه رغم إحالة الطعون المطالبة بحل الجمعية التأسيسية للدستور إلى المحكمة الدستورية العليا فإن عملية إعداد الدستور يمكن أن تستمر ويذهب الناس للاستفتاء عليه، وهذا وضع معقد لا أفهمه، وأعتقد أنه من المهم أن تكون هناك عملية شاملة، وأن يكون الدستور للجميع، كوثيقة مدنية، للوصول إلى الدولة الديمقراطية التى قامت من أجلها الثورة، لذلك لابد من التأكيد على توسيع نطاق حقوق الإنسان، ووقف التمييز ضد المرأة، وحماية الحقوق المدنية والسياسية، ولدىَّ إحساس بأن البعض يعتقد أن المبادئ العالمية لحقوق الإنسان تتناقض مع الدين، وهذا غير صحيح، ولابد من إعطاء الثقة للناس بأن المعايير الدولية لحقوق الإنسان لا تتناقض مع الدين.
كارتر: أعتقد أن عملية إعداد الدستور تمت مقاطعتها، وقرار المحكمة كان مفاجئا، مع إثارة أسئلة حول شرعية الجمعية، وأعتقد أنه لو قررت المحكمة حلها فإن الخطوة التالية ستكون بيد الرئيس مرسى، من خلال إعادة تشكيل الجمعية واختيار أعضائها ولديه الحق فى عمل ذلك، وربما يؤخر ذلك المسألة بضعة شهور لكن لن يكون له تأثير حقيقى على عملية السلام.
■ هل لديكما قلق من تحول مصر إلى دولة دينية؟
- كارتر: نحن نتابع التصريحات التى تصدر عن المسؤولين وتؤكد الالتزام بحقوق الإنسان والمرأة والطفل، والتزام الحكومة بمبادئ الإسلام، وأنا مرتاح، وأعتقد أن مصر ستكون دولة مدنية تحترم حقوق الإنسان والأديان.
روبنسون: أتفق مع ذلك، لكن هناك قلق أيضا بهذا الشأن، فرغم أن شيخ الأزهر شخص معتدل ولديه تأثير هناك سؤال حول من سيخلفه، وماذا لو لم يكن معتدلا، هذا أمر صعب ومقلق.
كارتر: ما آمله هو أن يتم احترام فكر الاعتدال فى الدستور، ومن الصعب تغيير الدستور
روبنسون: لكنى أتحدث عن اقتراح بمنح مؤسسة الأزهر دوراً فى الدستور، وهذا لم يكن موجوداً من قبل، ويثير قلق البعض، لأن الأزهر سلطة معينة وليست منتخبة.
كارتر: أعتقد أنه لو كان دور الأزهر استشاريا سيكون جيداً، لا نريد أن يسيطر الدين على السلطة ولا أعتقد أن هذا ما يريده المصريون أو ما ستتحول إليه مصر.
■ هل تنوى مجموعة الحكماء تكرار الزيارة إلى مصر؟
- روبنسون: نحن 3 هنا الآن، ولدينا زيارة عمل وسنلتقى بآخرين من الحكماء هنا لنتحدث عما نراه وما سيحدث، وأعتقد أن الزيارة ستتكرر وسنراقب عن كثب ما يحدث فى مصر لدعم الخطوات الإيجابية لتحقيق تحول ديمقراطى شامل، والتأكيد على التصدى للمشاكل الأمنية بحيث لا تعود العادات السيئة من الماضى بما فى ذلك الانتهاكات الجنسية للمعتقلين، والتعذيب، والتأكيد على ضرورة تحقيق عدالة اجتماعية واقتصادية، وتحقيق الاستقرار الاقتصادى، ونعلم أن مصر تحتاج لسياحة واستثمارات.
كارتر: سنأتى بشكل دورى ونأمل أن تعود مصر لدعم عملية السلام بين فلسطين وإسرائيل.
■ بعد أكثر من 30 عاما على توقيع اتفاقية كامب ديفيد ومعاهدة السلام كيف تشعر الآن بعد توقف عملية السلام؟
- كارتر: معاهدة السلام التى تم توقيعها بعد 6 شهور من اتفاقية كامب ديفيد لم تنتهك أبدا، لكن كامب ديفيد التى نصت على انسحاب إسرائيل من الأراضى التى احتلتها عام 1967 وإعطاء السلطة للفلسطينيين لم تنفذ من جانب إسرائيل، وهذا أمر يجب طرحه ومناقشته فى المستقبل، وأنا حزين لعدم احترام إسرائيل الاتفاق، وللأسف عملية السلام لم تعد حية.
روبنسون: نحن فى المجموعة دعمنا طلب فلسطين فى الأمم المتحدة العام الماضى وهذا العام، ونعتقد أن هذه طريقة عملية لإحداث تغيير

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق