دفاع "نخنوخ" يضرب القضية بـ5 ثغرات قانونية .. مفاجأه

دفاع "نخنوخ" يضرب القضية بـ5 ثغرات قانونية.. التحريات مكتبية وأخطأت فى كتابة اسم الشارع واتهمته بالبلطجة بدون بلاغ.. تهمة تسهيل الدعارة يفندها اكتشاف أن البنات المضبوطات بالفيلا «أبكار»

الجمعة، 7 سبتمبر 2012 - 22:20
نخنوخ
كتب - محمود سعد الدين

لا ينكر أى مواطن النجاح الذى حققته وزارة الداخلية وتحديدا مديرية أمن الإسكندرية قبل أسبوعين فى عملية إلقاء القبض على صبرى نخنوخ الشهير بإمبراطور البلطجة فى مصر، لعدة أسباب مختلفة أهمها ما أكدته عملية القبض نفسها لدى قلوب المصريين من أن يد الداخلية لم تعد مرتعشة وأن الوزير الجديد اللواء أحمد جمال الدين يقتحم أوكار الخطر للبحث عن المجرمين وأن سيناريو التعاون الخفى بين رجال الأمن والبلطجية على مدار سنوات طويلة انتهى، لكن نهاية مسلسل نخنوخ بإحالته للمحكمة كان صادما ومثيرا للقلق.
نخنوخ لم يحل إلى المحاكمة لتورطه مع رموز النظام السابق فى تزوير الانتخابات البرلمانية أو لاشتراكه مع قيادات الداخلية فى تنفيذ مخططات إجرامية لتصفية الحسابات أو حتى لتورطه فى قتل المتظاهرين بموقعة الجمل إنما أحيل إلى المحاكمة بـ3 تهم تصنف فى الجرائم الجنائية بأنها تهم طبيعية قد يرتكبها أى مواطن عادى مثل حيازة سلاح نارى غير مرخص وحيازة الحشيش بغرض التعاطى وتزوير بطاقة عضوية لهيئة قضائية، وهو الأمر الذى يؤكد أنه بقدر أهمية القبض لابد من قوة وصحة إجراءات ما بعد القبض ضمانا لحكم رادع لبلطجى محترف.
قراءة القضية بعين مختلفة تثبت بحسب المستشار أنور الرفاعى أن الداخلية التى نجحت فى القبض على نخنوخ البلطجى فشلت فى إثبات تهمة البلطجة عليه ولم تقدم الأركان الكاملة للتهمة الأصلية الموجهة وهو ما يفتح ثغرة لنخنوخ لتقوية موقفه القانونى فى القضية، فالصفحة 30 من أوراق القضية التى حصل المحامون على نسخة منها، وردت بها عبارة فى غاية الخطورة على لسان المقدم حسام الدين حسين أبوالشيخ رئيس مباحث قسم شرطة ثان العامرية، حيث سأله وكيل النيابة عن مضمون ما توصل إليه من تحريات، فرد المقدم حسام الدين بأنه توصل إلى قيام نخنوخ بحيازة سلاح وذخائر بدون ترخيص بقصد استعمالها بقصد الدفاع عن النفس وممارسة أعمال البلطجة، وعندما سأله وكيل النيابة عن تلقيك أى بلاغات تفيد قيام نخنوخ بأعمال بلطجة، أجاب المقدم حسام الدين بأنه لم يرد إليه أى بلاغات، فسأله وكيل النيابة قائلا: «طالما لم ترد إليك بلاغات فكيف توصلت إلى قيام نخنوخ بارتكاب البلطجة؟»، فرد المقدم حسام الدين بأن تحرياته أشارت إلى قيام نخنوخ بأعمال بلطجة بمناطق مختلفة بالجمهورية وأنه يستغل فيلته بكينج مريوط لمقابلة أعوانه للتخطيط لأعمال البلطجة، فرد عليه وكيل النيابة سائلا: «وما هى طبيعة أعمال البلطجة التى يقوم نخنوخ بارتكابها؟»، فرد المقدم حسام الدين بأن نخنوخ يقوم بمساعدة أعوانه فى الاستيلاء على أراضى مملوكة للغير بالقوة ولحساب شخصيات مقابل مبالغ مالية كما يقوم بفرض إتاوات على أصحاب بعض المحلات التجارية.
النص الكامل للحوار الدائر بين المقدم حسام الدين صاحب تحريات المباحث ووكيل النيابة يعكس أمرا خطيرا وهو أن التحريات عن أخطر بلطجى فى مصر هى تحريات مكتبية وليست تحريات جدية، فالواضح من إجابات المقدم حسام الدين أنه لم يحدد متى وأين وكيف مارس نخنوخ البلطجة، ولم يحدد أين الأراضى التى استولى عليها ووكيف استولى عليها وحتى المحلات التجارية التى سطا عليها أو نوعية الإتاوات التى فرضها وعلى من.
الأغرب أنه حتى عندما سال وكيل النيابة المقدم حسام عن مدى ما توصلت إليه تحرياته من معلومات عن الأشخاص الذين يعمل لحسابهم نخنوخ، فرد المقدم حسام الدين بأن المتهم مشهور عنه البلطجة ومن يرغب فى الاستيلاء على أراضى يستعين به لتحقيق ذلك مقابل مالية وتحرياته لم تتوصل لأشخاص بعينهم.
وتساءل محامون، أية تحريات تلك التى تستند إلى كلمة «مشهور عنه» والتى لم تتوصل إلى المستفيدين الحقيقيين من وراء استخدام نخنوخ للبلطجة وفرض النفوذ، فالتعريف اللغوى للتحريات هو جمع المعلومات وقانونيا هى الركيزة الأساسية لتحريك أى قضية فبناء على التحريات تأذن النيابة العامة للشرطة بالقبض على المتهم وإذا فسدت التحريات أو شابها أى وجه من أوجه القصور قد يترتب عليها بطلان الإجراءات ومن ثم انعدام القضية، وما جاء بأوراق القضية هو استغلال سيئ لصيد ثمين مثل نخنوخ.
تحريات قضية نخنوخ الضعيفة ناقوس خطر عن أداء جهاز الشرطة فى جمع التحريات حسب رأى المحامين، فبدلا من أن تكون تحريات نخنوخ بقدر يتساوى مع خطورة المتهم وتاريخه الإجرامى تضمنت قصورا كثيرا ليس فقط فى تهمة البلطجة وأركانها وإنما أيضا بحسب محضر التحريات المحرر من قبل الشرطة فإن نخنوخ يقيم فى شارع محمد رشيد بكينج مريوط، غير أن أقوال نخنوخ فى التحقيقات أكد فيها أنه يقيم بشارع عمر المختار، بما يعكس أن التحريات تمت على معلومات مغلوطة حتى لو اقتربت المسافات بين الشارعين على أرض الواقع.
ويرى محامى صبرى نخنوخ أن التناقض فى اسم الشارعين يمثل فى القانون خللا فى محضر التحريات ويمنح بلطجى خطير ثغرة جديدة للدفاع عن نفسه إضافة إلى ذلك فمن بين التهم الموجهة إلى نخنوخ هو حيازته للحشيش بقصد التعاطى وتحديدا 77.86 جرام حشيش، إلا أن الشرطة وقعت فى خطأ كبير أثناء ضبط الحشيش، فالمتبع دائما هو أنه بعد ضبط الحشيش بحوزة المواطن يشترط وزنه فى الحال قبل تحريزه ويتم ذلك بمعرفة ميزان عند أقرب صيدلى أو جواهرجى ويحرر الصيدلى أو الجواهرجى مستندا معتمدا بقيمة الميزان وبعد ذلك تتم عملية التحريز، غير أن الشرطة لم تزن الحشيش وحرزته ووزنته لأول مرة فى النيابة العامة، وفى قضايا المخدرات تحديدا يعتمد المحامون على تلك الثغرة التى يقع فيها ضباط الشرطة كوسيلة للطعن وطرح أسئلة عديدة من بينها ما الدليل أن كمية الحشيش المضبوطة هى نفس المحرزة؟ ومن يؤكد أن كمية الحشيش لم تكن بالمنزل والشرطة التى وضعتها.
لا يستطيع أى عقل أن ينكر أن فيلا نخنوخ بما تحتويه من صالة ديسكو وخمور ومنشطات جنسية بكميات كبيرة كانت مكانا لممارسة الدعارة، ولكن ورود عبارة «ممارسة الدعارة فى التحريات» وعلى لسان ضباط الشرطة لا تعتمد فقط على العقل والمنطق من المشاهدات وإنما أيضا تتطلب وقائع مادية لممارسة الدعارة، وهو ما حاول ضباط الشرطة إثباته عن طريق التأكيد أنه تم ضبط 5 سيدات فى الفيلا أثناء القبض على المتهم، بينهم سيدة تم ضبطها فى وضع مخل بالآداب فى أحد غرف الفيلا، ولكن المفاجأة التى وردت بالتحقيقات وجاءت مخالفة لما ورد بالتحريات هو أن الرجل الذى تم ضبطه مع السيدة فى وضع مخل هو زوجها بموجب عقد زواج مشهر منذ 7 سنوات، والسيدات الأخريات بينهن فتاتان إحدهما تبلغ من العمر 21 عاما والأخرى 19 عاما وهما أختان وكلتاهما «بكر» أى لم تمارسا أى أعمال رذيلة، وكانت والدتهما برفقتهما فى فيلا نخنوخ، حيث حضرن إليه طلبا للمساعدة والتوسط لإحدى الفتاتين والتى تدرس فى أكاديمية الإعلام للعمل فى المجال الفنى اعتمادا على علاقات نخنوخ الواسعة.
أوراق القضية لم تكشف فقط عن قصور فى تحريات الشرطة إنما كشفت أيضا عن نقاط ما كان يجب التغاضى عنها من قبل وكيل النيابة العامة الذى يتولى التحقيق فى القضية بحسب عدد من القانونيين المطلعين على محاضر التحقيق، فمن الغريب جدا أن تجرى النيابة العامة مع نخنوخ جلستى تحقيق فقط، ومن الغريب أيضا أن توجه له 16 سؤالا فقط فى الجلسة الأولى، وما يقترب من 13 سؤالا فى الجلسة الثانية رغم أهمية وخطورة نخنوخ، والأغرب أن التحقيقات خلت تماما من توجيه أى اتهام لنخنوخ عن علاقاته برموز النظام السابق أو قيادات وزارة الداخلية فى عهد مبارك أو حتى دوره فى موقعة الجمل.
ما يثير الدهشة فى أقوال نخنوخ التى لم تتعد 7 ورقات أن المحقق ركز فقط على التهم الثابتة على نخنوخ مثل حيازة الحشيش والسلاح وطرح عليه سؤالا فى أكثر من واقعة عن قيامه بأعمال البلطجة ورغم نفى نخنوخ، فإن وكيل النيابة لم يسع للضغط عليه ومراوغته لبيان أوجه وأركان عمليات البلطجة والإرهاب والترويع، ورغم وجود العديد من الوسائل التى قد تفتح للمحقق بابا من أبواب البحث عن استخدام البلطجة والإرهاب، لكنه لم يستخدمها، فالوارد فى محضر الشرطة أن نخنوخ كان يستخدم الأسود فى ترويع المواطنين للتوقيع على إيصالات أمانة والموافقة على طلباته، غير أنها لم تحدد أى واقعة بعينها أو تقدم دليلا واحدا عليها، وهنا كان دور النيابة فى استجواب مروض الأسود وسؤاله والبحث عن كل مروضى الأسود على مدار السنوات الماضية واستدعائهم للشهادة بحثا عن حقيقة استخدام الأسود فى الترويع.
الجديد أن أكثر من 4 هواتف محمولة عثرت عليها الشرطة برفقة نخنوخ وحرزتها النيابة فقط دون أن تستغلها كوسيلة لمعرفة خيوط الشبكة العنكبوتية التى يستخدمها نخنوخ فى البلطجة، فكان من السهل تفريغ أرقام الهواتف المحمولة على هواتف نخنوخ ومعرفة القيادات التى تتعاون معه فى الداخلية وعلاقته برجال النظام السابق فضلا عن رجاله ومعاونيه.
الكشف عن أوجه الثغرات فى تحريات المباحث وتحقيقات النيابة فى تحليل رجال القانون لأوراق القضية ليس مساعدة لنخنوخ وكشفا لطرق يتخذها للدفاع عن نفسه وتحسين موقفه القانونى وإنما الكشف عن الثغرات من دواعى تصحيح الأخطاء والاستفادة بصيد ثمين مثل نخنوخ فيما هو أثمن، والاستفادة بمعرفة كيف زور الانتخابات وساعد رجال الوطنى وكيف أصبح رجل العادلى فى الخفاء وكيف تعاون البلطجى مع الداخلية وكيف سيطر على شارع الهرم وكيف فرض النفوذ وليس الوقوف فقط عند حيازته سلاحا بدون ترخيص وحشيشا للتعاطى.




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق