الفريق يضرب «النور» في مقتل.. ويفجر أزمة داخل الدعوة السلفية



الفريق يضرب «النور» في مقتل.. ويفجر أزمة داخل الدعوة السلفية



"أزمة طاحنة".. أقل مايمكن أن نصف به تلك الزيارة التي قام بها الشيخ ياسر برهامي النائب الأول لرئيس جماعة الدعوة السلفية بالإسكندرية والقيادي الأكثر شهرة وتأثيراً بها، للفريق أحمد شفيق قبل الإعلان عن نتيجة الانتخابات الرئاسية.. وتعرض الشيخ الكبير لحرج لامثيل له، خاصة أن هناك اتجاهاً داخل مقر الدعوة السلفية بالإسكندرية نحو تجميد عضوية الشيخ برهامي وعزله من منصبه، بالإضافة إلي إقالة المهندس أشرف ثابت من منصب وكيل حزب النور.. بدأت القصة مع برنامج العاشرة مساء الذي يقدمه الصحفي وائل الايبراشي علي قناة دريم، عندما سأل الأخير الشيخ ياسر برهامي النائب الأول لجماعة الدعوة السلفية، عن حقيقة زيارته للفريق أحمد شفيق قبل إعلان نتيجة الانتخابات الرئاسية، وجاء السؤال كالصاعقة علي الشيخ الذي حاول التهرب من الإجابة علي السؤال ولم يرد بنعم أولا مكتفياً بقوله إنه أجري اتصالاً تليفونياً بالفريق شفيق، كمحاولة منه للهروب من تأكيد الزيارة، لأنه كان يعلم جيداً أن الكشف عن هذه الزيارة سيتسبب في أمر خطير، وحاول برهامي بجميع الطرق التهرب من هذا السؤال فهو لايريد أن يكذب واقعة حقيقية حدثت وفي ذات الوقت لايريد أن يؤكدها لما قد تتسبب فيه من فتن وأزمات داخل الحركة السلفية، وأن الشيخ يعلم جيدأ أن هذه الزيارة ستضعه في حرج شديد مع قوي التيار الإسلامي وخاصة جماعة الإخوان المسلمين التي من المفترض أنها لاقت دعماً معلناً من السلفيين.

ومن المؤكد أن الشيخ برهامي كان حريصاً علي سرية زيارته للفريق شفيق وكان برفقته المهندس أشرف ثابت وكيل حزب النور، الذي قام بالترتيب للزيارة، نظراً لأنه أجري أكثر من لقاء بالفريق قبل هذه الزيارة، في الوقت الذي كان فيه وكيلاً بمجلس الشعب ومسئولاً عن لجنة تقصي الحقائق في وقائع قتل المتظاهرين أثناء الثورة.. وحرص الشيخ وثابت علي سرية الزيارة لم يكن مقصوراً علي العامة بل بدا أن السرية كانت مفروضة علي عدد من قيادات الدعوة السلفية وكذلك قيادات حزب النور فضلاً عن القاعدة الشعبية للحزب والدعوة، حيث كان توقيت الزيارة مصيرياً، نظراً لأن نتيجة الانتخابات الرئاسية علي وشك الظهور، وأن الإعلان عن هذه الزيارة كان سيعطي انطباعاً لدي الجميع أن السلفيين لايمانعون تقلد شفيق لمنصب رئيس الجمهورية، في حين أنهم أعلنوا دعمهم لمرشح جماعة الإخوان المسلمين، وأن اللقاء يعتبر إعترافاً منهم بنجاحه وفوزه علي مرشح الإخوان المسلمين الدكتور محمد مرسي، والجميع لايزال ينتظر النتيجة النهائية وسط التصريحات والبيانات المتضاربة حينذاك.

وبالعودة لتفاصيل الزيارة وأسبابها ودواعيها من وجهة نظر الشيخ برهامي وأشرف ثابت، فخرج كلاهما يضع مبررات وحججاً للزيارة السرية لمرشح رئاسي قبل الإعلان عن نتيجة الانتخابات.. بعد فشل محاولات برهامي التغاضي عن تأكيد واقعة الزيارة، وكذلك محاولة نادر بكار القيادي بحزب النور مساعدة الشيخ وإخراجه من هذا المأزق عندما اتصل بالبرنامج الذي كشف المفاجأة والدخول في تفاصيل أخري تخص الحزب.. بينما لم تفلح محاولات أي منهما في "الغلوشة" علي الزيارة.. فاضطر الشيخ برهامي صباح اليوم التالي أن يخرج بتسجيل فيديو يضع فيه مبررات الزيارة وسبب عدم إعلانه عنها في وقتها وفي أثناء طرح سؤال بخصوصها في البرنامج المشار إليه سالفاً.. ولم يكتف الشيخ بالتسجيل الصوتي الذي سجله ونشرته مواقع سلفية، بل أقدم علي كتابة مقال لنفس السبب وبنفس المحتوي نشرته صحيفة الفتح ومواقع سلفية.. وقال الشيخ فيه إن "المجالس أمانة" وأراد بذلك أن يبرر عدم إعلانه عن حقيقة الزيارة أثناء البرنامج كي يعود إلي من كان معهم أولاً.. وأكمل في حديثه سبب الزيارة الذي كشف فيه أن زيارة شفيق لم تكن الوحيدة بل إنه أجري لقاءات بالمجلس العسكري وجماعة الإخوان المسلمين لنفس سبب زيارة الفريق وأورد فيه أنه التقي بهؤلاء "حقناً للدماء".. وأسهب في الحديث عن زيارة شفيق قائلاً كما جاء بالنص: "كان لقاء مع "الفريق شفيق" بمنزله، تم التأكيد فيه علي عدم جواز الانتقام من الإخوان في حالة الفوز بالرئاسة؛ لأن الصدام الدموي يضر بمصلحة البلاد، ويسير بها في طريق مظلم، في حالة الفوز لابد من عدم إقصاء جماعة الإخوان وحزب «الحرية والعدالة»، بل وتعيين رئيس الحكومة منهم؛ لأن لهم الأغلبية في البرلمان؛ ولأن المسئولية لا يستطيع أن يتحملها فرد واحد أو اتجاه واحد، تأكيد موقفنا من قضية تطبيق الشريعة، وموقفنا من النص عليها في الدستور؛ لأنها قضيتنا الأولي، التأكيد علي أن الشعور بأن الأقباط هم الذين وقفوا بجواره حتي يحقق الفوز لا يصح أن يكون دافعًا لإعطائهم وضعًا ومزايا في المجتمع لا تتناسب مع طبيعتهم، وكذلك التأكيد علي عدم جواز حذف شيء من آيات القرآن من المناهج الدراسية إرضاءً لأحد -كما سبق أن صرح بذلك-.".. هكذا كان رد برهامي الذي تعرض لسقطة سياسية كبيرة وغير مبررة كما وصفها مراقبون ومتابعون للحركة السلفية والذي أضاف في تصريحات تلفزيونية يقول فيها: "نعم التقيت الفريق شفيق في منزله ليلة نتيجة الانتخابات الرئاسية بصحبة عدد من قيادات الدعوة السلفية علي رأسهم أشرف ثابت, وكيل مجلس الشعب، لأنه حصل علي معلومات خطيرة قبيل إعلان نتائج الانتخابات الرئاسية بيومين تدور حول تأكيدات عن وقوع اشتباكات دموية في حالة فوز شفيق، خاصة ان جماعة "الإخوان المسلمين" كانت لديها تأكيدات داخلية وخارجية"محايدة" من أن مرشحها هو الفائز بانتخابات الرئاسة، وأنهم لن يتنازلوا عن ذلك ولن يقبلوا بأي نتيجة أخري".. ورغم ماقاله "برهامي فإنه لم يستطع إقناع الكثير بكل هذه المبررات.. حيث تعجب البعض له حيث إن الشيخ نفسه كان "بكي" بحرارة عقب الإعلان عن نتيجة الانتخابات الرئاسية وفوز المرشح الإخواني الدكتور مرسي.. وهناك أيضاً من وصف الشيخ بـ"المهرول" نظراً لتسرعه ولقاء مرشح رئاسي قبيل الإعلان عن نتيجة الانتخابات بقليل، مما يعتبر استعجالاً غير منطقي، ومجرد القيام به يشير إلي عدم اكتراثه بنجاح المرشح الإخواني.

ولم يقف الأمر عند اعتراف "برهامي" فقط بل خرج المهندس أشرف ثابت الذي شارك الشيخ الزيارة ليضع هو الاخر دواعي زيارتهما التي لاقت نفوراً شديدا لدي الكثيرين من داخل الحركة السلفية ومن خارجها أيضاً، ولاسيما جماعة الإخوان المسلمين والتي ستؤثر هذه الزيارة علي مستقبل التحالف بين التيارين بالتأكيد في المستقبل القريب.. وقال ثابت في هذا الصدد: " قمنا بزيارة أحمد شفيق ضمن وفد يرأسه د.ياسر برهامي أثناء انتخابات الرئاسة، حيث كان الوضع ينذر بخطورة فلم نكن نعلم من سيكون الرئيس، وزيارتنا كانت خوفا من حدوث اقتتال وبدافع وطني، وقمنا بعمل مبادرة بذلك - والحديث لايزال لـ"ثابت" - وأنني كنت رئيس لجنة تقصي الحقائق في أحداث الثورة حتي أحداث مجزرة بورسعيد، وكانت هناك شخصيتان يجب الجلوس معهما بشكل غير رسمي وهما رئيس الوزراء السابق الفريق أحمد شفيق والثاني نائب الرئيس السابق اللواء عمر سليمان وجمعتني أكثر من جلسة مع الفريق أحمد شفيق لانه يمتلك كمية ضخمة من المعلومات حول أحداث الثورة."

وعقب الفريق شفيق علي الأمر معترفاً بالزيارة التي هي بكل تأكيد في صالحه وتعضد موقفه قائلاً: "نعم قابلت الشيخ ياسر برهامي قبيل إعلان نتيجة الانتخابات الرئاسية".. وبدا من رواية شفيق مع مطابقتها برواية الشيخ برهامي وثابت أنها صادقة، وأكد أيضاً أن الدعوة السلفية رفضت دعمه وأعلنت دعم مرسي، والمفاجأة التي فجرها الفريق شفيق أنه التقي الدكتور عماد عبدالغفور رئيس حزب النور.. وأعرب عن غضبه من استنكار "عبدالغفور" من زيارة الشيخ برهامي له.. وقال: إن عبدالغفور سعي إلي مقابلته، وأنه التقاه بالفعل في منزل أحد الأصدقاء، أثناء الانتخابات الرئاسية.

وصفت قيادات من جبهة الإصلاح الداخلي بحزب النور زيارة كل من الشيخ ياسر برهامي وأشرف ثابت للفريق أحمد شفيق في منزله ليلة الانتخابات بـ "الجريمة" وقد طالبت بتقديم كليهما للتحقيق داخل الدعوة.

ورأي مراقبون في هذه الزيارة "انتهازية سياسية" غير مقبولة وفضيحة لمن قاموا بها.. اما الدكتور محمد نور القيادي بحزب النور فقال: "كل من يثبت أنه تعاون مع أحمد شفيق ليس له مكان بيننا".

وعلي الرغم من أن الرواية بعيدة كل البعد عن جماعة الإخوان المسلمين، فإنها تعتبر طرفاً أصيلاً فيها، إن لم تكن البطل الرئيسي، وأن الأمر برمته يخصها.. لكونها في تحالف مع الدعوة السلفية من ناحية، وفي خصومة مع الفريق شفيق من ناحية ثانية.. فعلق الدكتور محمود حسين القيادي بجماعة الإخوان المسلمين قائلاً: إن التصريحات التي أدلي بها الدكتور ياسر برهامي حول تهديدات جماعة الإخوان المسلمين بحرق البلاد حال فوز الفريق أحمد شفيق بكرسي الرئاسة عارية تماما من الصحة ولايُمكن تصديقها علي الإطلاق، وحذرنا من اندلاع ثورة ثانية سيقوم بها الشعب المصري كله وليس جماعة الإخوان فقط إذا تم تزوير إرادته وإعلان فوز الفريق شفيق برئاسة الجمهورية".. ولكن الجماعة أيضاً لم تقترب من قريب أو بعيد سواء بتعليق أو بالحديث عن موقفهم من الزيارة، باستثناء ماقاله القيادي بحزب «الحرية والعدالة» الدكتور عصام العريان، الذي اكتفي بالحديث عن أزمة حزب النور القائمة حالياً حول شرعية رئيس الحزب والتي قال عنها:"إن هذه الأزمات تحدث في كل الأحزاب خاصة الجديدة منها".. ولم تخرج عن قيادات الإخوان أي تصريحات خلاف ذلك، مما يشي بشئ يحدث في الخفاء.

الموجز

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق